الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
هَا: اسمُ فعل أمْرٍ بمنى خُذْ نحو "هَا كِتابًا" أي خُذْه، ويجوزُ مَدُّ ألفها، وتُستَعمل مَمْدُودَةً ومَقْصُورة بكافِ الخطابِ و بدُونها، فتقول: هَا وهَاكُمْ، ويجوزُ في الممْدُودَةِ أن تَستَغنيَ عن الكافِ بتَصْريف هَمْزَتها تَصَاريفَ الكافِ، فيُقَال: "هَاءَ" للمُذَكَّر، و "هاء" للمُؤَنَّث، و "هاؤُما" و "هاؤُمْ" ومنه قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأُوا كِتَابِيَهْ} (الآية "19" من سورة الحاقة "69"). هَا: حَرْفُ تَنْبِيه وتَدْخُلُ على ثلاثة: (أحدُها) الإشَارَةُ لِغَيْرِ البَعيد نحو "هَذا". (الثاني) ضَمير الرَّفْع المخْبرَ عنه باسم الإِشَارةِ نحو: {ها أَنْتُمْ أُولاءِ} (الآية "119" من سورة آل عمران "3"). (الثالث) "أيّ" في النداءِ نحو "يا أيُّها الرَّجُلُ" وهي في هذا واجبة للتنبيه على أنَّه المقْصُودُ بالنِّداء. هَا للقَسم: هِي "هَا" للتَّنْبِيهِ، ولكنَّها قد تَنُوبُ في القَسَم عن الواوِ، تقولُ: "لا هَا اللهِ ذَا"، وتمُدُّ أَلِفَ "هَا" وإنْ كانَ بَعْدَها شَدَّةُ لَفْظِ الجَلالَة، كما تُلْفَظ "هَامَّة" وإنْ شِئْتَ قُلتَ "لا هَللَّهِ ذا" فتحذف الألف، وتكون في موضع الواو إذا قلت: "لاواللهِ". وأمَّا ذَا فهو الشيء ُالذي تُقسِم به، فالتقدير: "لا واللهِ هَذا ما أُقسِمُ به" فَحذَفْتَ الخَبَر لِعِلْم السَّامِعِ به أو "ذا" خَبَرٌ لِمُبْتَدَأ مَحْذُوفٍ، التَّقْدِيرُ: "الأمْرُ ذا". ولَفْظ الجَلالة يُجَر بـ "هَا" كما يُجَرُّ بوَاوِ القَسَم. هَا أَنَاذا وفُرُوعُه: كَثُر اسْتِعمالُ "هَا" للتنبيهِ مَعَ ضَمِيرِ رَفْعٍ مُنْفَصِل بِشَرْطِ أنْ يكونَ مَرفُوعًا بالابتِداءِ، وأنْ يكون خبرُهُ اسمَ إشَارَةٍ نحو: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ} (الآية "119" من سورة آل عمران "3") فلا يجوزُ دُخُولها على الضَّميرِ مِنْ قَولكَ "مَا قَامَ إلا أَنَا" ولا مِن قَوْلكَ "أنْتَ قائمٌ". تقول "ها أنا ذا" و "ها نحنُ ذانِ" و "هَا نحن أولاءِ" و "هَا أَنْتِ ذِي" و "هَا أَنتُما تَانِ" و "هَا أَنْتُنَّ أُوَلاءِ" وهكذا. هَاءُ السَّكتْ: مِنْ خَصَائِصِ الوَقْفِ اجتِلابُ هَاءِ السَّكْت، ولَها ثَلاثةُ مَوَاضِع: (أحدُها) الفِعلُ المعَلُّ بحذْفِ آخرِهِ، سَواءٌ أكَان الحَذْفُ للجَزْمِ نحو "لمْ يَغْزُهْ" و " لمْ يَرْمِهْ" و "لم يَخْشَهْ" ومنه {لم يَتَسَنَّهْ} (الآية "259" من سورة البقرة "2"). ومعنى لم يتسنه: لم تغيره السنون)، أو لأَجْلِ البِنَاءِ نحو "اغْزُهْ" و "اخْشَهْ" و "ارْمِهْ" ومنه: {فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} (الآية "90" من سورة الأنعام "6")، والهاءُ في هذا كلِّه جَائِزةٌ، وقد تجبُ إذا بَقِيَ الفِعلُ على حَرْفِ واحدٍ كالأمْرِ من وَعَى يَعِي، فإنَّكَ تقول: "عِهْ". (ثانيها): "مَا" الإسْتِفْهَامِيَّةُ المجُرَّدَةُ، فإنَّهُ يجبُ حذفُ أَلِفِها إذا جُرَّتْ في نحو "عَمَّ، وفِيمَ" مَجْرورتيْن بالحرفِ "وَمَجِيءَ مَ جئتَ" (الأصل: جئت مجيء مَ؟ وهذا سؤال عن صفة= المجيء، أي على أي صفةٍ جئت ثم أخَّرَ الفِعل لأنَّ الإستفهام له صَدْر الكلام، ولم يمكن تاخير المضاف) مجرورةً بالمضافِ، فَرْقًَا بينها وبين "مَا" الموصوليَّة الشرطيَّة. فإذا وَقَفْتَ عليها أَلحقْتَ بها الهاء حِفْظًا للفَتْحَةِ الدَّالَّة على الألِفِ المحذُوفَةِ، وتجِبُ الهَاءُ إنْ كانَ الخَافض لـ "مَا" الاستِفْهَاميَّة اسْمًَا كالمثالِ المتقدمِ: "مجيء" وتَتَرَجَّحُ إنْ كانَ الخَافِضَ بها حَرْفًَانحو: {عَمَّه يَتَسَاءلُونَ} (عمه: وبها السكت قرأ البزي) (الآية "1" من سورة النبأ"78"). (ثالثها): كلُّ مبنيّ عَلى حَرَكَةِ بناءٍ دائمًا، ولم يُشبِهِ المُعْرَبَ كياءِ المتكلم كـ "هِي" و "هُو" وفي القرآن الكريم: {مَاليه} (الآية "28" من سورة الحاقة "69") و {سُلْطَانِيَة} (الآية "29" من سورة الحاقة "69") و{مَاهِيَةْ} (الآية "10" من سورة القارعة"101") وقال حَسّان: إذا ما تَرَعْرَعَ فِينَا الغلامُ *** فَمَا إنْ يُقالُ لَهُ مَن هُوَهْ هَبْ: بصيغَةِ الأمر، وهي مِنْ أَفْعَالِ القُلُوب وتُفيدُ في الخبَرِ رُجْحَانًا، وهي تَنصِبُ مَفْعُولَين أَصْلُهُما المُبْتَدَأ و الخَبَرُ نحو قولِ عبدِ الله بنِ همّام السَّلُولي: فقُلْتُ أَجِرْني أبّا خَالدٍ *** وإلاَّ فَهَبْني امْرَءًا هَالِكَا ويقالُ "هَبْنِي فَعَلْتُ ذلك" أيْ احْسَبْنِي واعْدُدْني، ولا يقالُ: "هَبْ أني فَعَلت". (=ظنَّ وأخواتها). هَبَّ (وفي اللسان: هب فلانًا يفعل كذا كما تقول: طفق يفعل كذا): كلمةٌ تَدُلُ على الشُّرُوعِ في خَبَرِها، وهي من النواسخِ تعمَلُ عَمَلَ كانَ، إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أن يكونَ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً من مُضارعٍ فاعِلُه ضميٌر يعودُ على الاسمِ و مُجَرَّدٌ مِنْ "أنْ" المَصْدَرِيَّة، ولا تَعْمَلُ إلاَّ في حَالَةِ المُضِي. هَذَاذِيك بمعنى كُفَّ: هو مَصْدَرٌ مُثَنّىً لَفْظًا ويُرادُ به التَّكْثيرُ، وتَجِب إضَافَتُه، ومعناه: إسراعًا لك بَعْدَ إسراع، أوْقَطْعًا بَعْدَ قَطْع، ويُعرَبُ مَفْعُولا مطْلَقًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أسْرِعْ، وإنَّما لمْ يُقَدَّر فِعلٌ مِنْ جِنْسِه لأنَّه ليسَ لَهُ فِعْلٌ مِنْ جِنْسِه مثل: لَبَّيْكَ، قَالَ العَجَّاجُ يمدَحُ الحَجَّاج: ضَرْبًا هَذَاذِيْكَ وطَعْنًَا وَخْضًا *** يَمْضي إلى عَاصِي العُرُوقِ النَّخْضَا (هذاذيك أي هذًَّا بعد هذٍّ يعني قَطْعًا بعد قَطع، والوَخْض: المشرَع للقتل، والعَاصِي: العِرْق لا يَرْقَأ دمُه، والنَّخْضُ: اللحم المكتنِز وهو مَنْصوب على نزع الخافض وهو "في") هَلْ: -1 ماهيَّتُها: حرفُ استِفْهَامٍ مَوضُوعٌ لطَلبِ التَّصديقِ الإيجابي (التصديق: إدراك النسبة، وهل: موضوع لإدراك النسبة الإيجابية فإذا قلت "هل قدم أخوك" فأنت تسأل عن قدوم أخيه وهذا هو التصديق، وإذا قلت"أزيد قدم أم بكر" فأنت تسأل عن أحدهما أي المفرد هذا هو التصور، والمراد بالإيجابي غير المنفي كما هو معلوم، والسلبي: المنفي) دونَ التصوُّر ودُونَ التَّصديقِ السَّلبي، فيمتنع نحو "هلْ زيدٌ قائمٌ أم عمرو" إذا أريد بـ "أمْ" المُتَّصلة (وأما المنقطعة فهي بمنعى "بل" فلا تمنع التصديق)، لأنَّه تَصَوُّرٌ، ويمتنع نحو "هَلْ لمْ يقُمْ زيدٌ" لأنَّه تَصْديقٌ سَلْبيّ. وحُرُوفُ الاسْتِفْهَام لا يَليها في الأَصْلِ إلاّ الفِعْلُ، إلاَّ أنَّهُم قد تَوَسَّعُوا فيها، فابْتَدَءُوا بَعْدَها الأَسْماء، ألاَ تَرَى أنَّهم يقولون: "هَلْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ " و "هلْ زيدٌ في الدَّار" فإنْ قُلتَ "هَلْ زيدًا رأيتُ" و "هلْ زيدٌ ذَهبَ " قَبُحَ، ولم يَجُز إلاَّ في الشعر، فإن اضطُر شاعرٌ فَقَدَّم الاسم نصب تقول: "هل عَمْرًَا ضربتَه" -2 تفترقُ "هَل " مِنَ الهمزةِ من عَشْرَةِ أوجُهٍ: (أحدُها) اخْتِصاصُها بالتَّصْديق. (الثاني) اخْتِصَاصُهَا بالإيجَاب، تقولُ "هلْ زيدٌ قائمٌ" ويمتنع "هلْ لمْ يَقُمْ". (الثالث) تَخْصِيصُها المضارع بالاسْتِقبال. (الرابع) أنَّها لا تَدْخُلُ على الشَّرطِ بِخلافِ الهَمزَةِ نحو: {أفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الخالِدُونَ} (الآية "34" من سورة الأنبياء"21"). (الخامس) أنَّها لا تَدْخُلُ على "إنَّ " بِخلافِ الهَمْزةِ نحو: {أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ}. (السادس) أنها لا تدْخُلُ على اسمٍ بعدَهُ فعلٌ في الاختيار، بخلافِ الهَمْزَةِ نحو "أَزَيْدًَا أَكْرَمْتَ". (السابع) أنَّها تَقَعُ بَعْدَ عاطفٍ نحو: {فَهَلْ يَهْلَكُ إلاَّ القَوْمُ الفاسِقون} (الآية "35" من سورة الأحقاف "46"). (الثامن) أنَّها تَأتِي بَعدَ "أمْ" نحو: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ أمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلماتُ والنُّورُ} (الآية "16" من سورة الرعد "13"). (التاسع) أنَّها قد يُرادُ بألاستِفهامِ بها النَّفي، ولذلكَ دَخَلَتْ عَلى الخبر بعدَها "إلاَّ" في نحو: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إلاَّ الإِحْسَانُ} (الآية "60"من سورة الرحمن"55"). و "الباءُ" في قوله: ألا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدَائم. وصحَّ العطفُ في قوله: وإنَّ شِفَائي عَبْرَةٌ مُهرَاقَةٌ *** فهل عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ من معوَّلِ إذْ لا يُعْطَفُ الإِنْشَاءُ على الخَبر. (العاشر) أنَّها تَأْتي بمعنى "قَدْ" نحو: {هَلْ أَتى عَلى الإِنْسَانِ حينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (الآية "1" من سورة الدهر"76"). وقد يَسوغُ للشَّاعر أنْ يُدخِل همزة الاستفهام على "هل " نحو قولِ زيدِ الخيل: سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ بشَدَّتِنا *** أَهَلْ رَأَوْنا بسَفْحِ القُفِّ ذِي الأكم (الشدة: الحملة، والباء بمعنى عن، القف: جبل ليس بعالٍ). ومثلها قَولك: أمْ هَلْ فعلت، يقول سيبويه: هي يمنزلة قد. هلاَّ: مِنْ أدَوات التَّخضيض، وهي كأخَواتِها لا تَتَّصل إلاَّ بالفِعل. ويَجوز فيها - كما يَقول سيبوبه - في أخواتها (=لولا، لوما، ألاَّ، ألا) أن يكون الفعلُ مُضْمَرًا، ومُظهرًا، مُقَدَّمًا، ومؤخرًا، ولا يَستقيم أن يُبْتَدأ بعدها الأسماء ولو قلت "هلاَّ زيدًا ضربتَ" جاز، ولو قلتَ "هلاَّ زيدًا" على إضمارِ الفِعْل، ولا تَذْكُرُهُ جَازَ، والمَعْنَى: هلاَّ زَيْدًَا ضَرَبْتَ. هَلُمَّ: بمعنى أَقْبِلْ، وهذه الكَلِمةُ تَرْكِيبيَّة من هَا للتَّنْبِيه، ومِن لَمَّ، ولكنها قد استُعْمِلَت اسْتِعْمَالَ الكَلِمَةِ الوَاحِدَةِ المُفْرَدة البَسيطة، قال الزَّجاج: زعم سِيبويه: أن هَلُمَّ، ها، ضُمَّتْ إليها: لُمَّ، وكذا قال الخليل، وَفَسَّرَهَا بقوله: أَصْلُه، لُمَّ، من قولهم: لَمَّ الله شَعْثه أي جَمَعه كأنه أرَادَ: لُمَّ نَفْسَك إلَيْنَا: أي اقْرَب، وها للتَّنْبِيه، وإنَّما حُذِفَتْ ألِفُها لِكَثْرة الاسْتِعمال، وجُعِلا اسْمًا واحِدًا. وأكثر اللغات: هَلُمَّ للواحد والاثْنَين والجماعة وبذلك نزل القرآن: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكم}. قال سيبويه: وهَلُمَّ في لغة الحجاز، يكون للواحد والاثنين والجماعة. ولا تَدْخلُ عليها النونُ الخَفِيفَةُ ولا الثَّقِيلةُ، لأنَّها لَيْست فِعلًا، إنَّما هيَ اسمُ فِعلٍ. وأَمَّا في لغةِ بَني تَميم فتدخُلُها النُّونُ الخَفيفة والثَّقيلة لأنَّهم قد أجْرَوها مُجْرى الفِعل، فَقَالوا: هَلُمَّنَّ يا رجل وهَلُمَّنَّ يا امرأة، وفي التثنية: هَلُمَّانِّ للمؤنث والمذكر وهَلُمُّنَّ يا رجال بضم الميم، وهَلْمُمْنَانِّ يا نسوة. وعندَ أهلِ نَجْدٍ فِعْلُ أمْرٍ ويُلْحِقُونَ بها الضَّمائر، فيَقُولُونَ في المثنى "هَلُمّا" وفي المؤنث "هَلُمِّي "وفي جمع المذكر "هَلُمُّوا" وللنساء "هَلُمُمْنَ" والأوَّلُ أفْصح وبه جاء التنزيل: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُم} (الآية "150"من سورة الأنعام "6") (=اسم الفعل 2). هَلُمَّ جَرًَّا: مَعْنَاها اسْتِدَامَةُ الأمْر وإتِّصَالُه يُقَال: "كَان ذَلِكَ عَامَ كذا وهَلُمَّ جَرًّا إلى اليَوْمِ " وأصْلُه مِنْ الجَرِّ: السَّحْب، وانْتَصَب "جَرًّا" على المَصْدَر أو الحَال. هَلْهَلَ: كلمَةٌ تَدُلُّ على مَعْنى الشُّرُوع في خَبَرِها، وهِيَ منَ النَّواسخِ تَعْمَلُ عَمَل كان، إلاَّ أنَّ خبَرها يجبُ أنْ يكُونَ جملَةً فعْلِيَّةً مِنْ مُضارعٍ فاعِلُه يَعُودُ على الاسم، ومُجَرَّدٍ مِن "أنْ" المَصدَريَّة، ولا تَعْمَلُ إلاَّ في حالَةِ المَاضِي نحو "هَلْهَلَ الشِّتَاءُ يُقْبِلُ " أيْ شَرَعَ وأنشَأَ. هَمْزَةُ الاستفهَام: [1] هيَ أَصْلُ أدَواتِ الاستفهام، بل هي - كما يقول سيبويه - حَرفُ الاسْتِفْهَام الذي لا يَزُول عَنْه لِغَيره، وليْس للاسْتِفْهَامِ في الأصْلِ غيرهُ، وإنَّما تَرَكُوا الألِفَ - أي هَمْزَةَ الاسْتِفْهَام - في: "مَنْ، ومَتَى، وهَلْ "، ونَحْوَهن، حيث أَمِنوا الالْتِباس،. ولهِذَا خُصَّتْ بأحْكامٍ: (أحدُها) جَوازُ حَذْفِها سَواءٌ تقدَّمَتْ على " أم" كقولِ ابنِ أبي ربيعة: فواللهِ ما أدْرِي وإنْ كُنْتُ دَارِيًا *** بِسَبْعٍ رَمَينَ الجَمْرَ أمْ بثمانٍ؟ أراد: أبِسَبْعٍ. أم لمْ تَتَقَدَمْها كقولِ الكُمَيْت: طَرَبْتُ ومَا شَوْقًَا إلى البيضِ أطْرَبُ *** ولا لَعِبًا مِني، وذُو الشَّيب يلعبُ؟ (يريد: أو ذو الشيب يلعب، فحذفت همزة الاستفهام مع وجود معنى الاستفهام) (الثاني) أنَّها تَردُ لطلبِ التصوُّرِ نحو" أَخَالِدٌ مُقْبِلٌ أم عُبَيْدَةُ" ولطَلَبِ التَّصديق نحو "أمُحَمَّدٌ قادِمٌ" وبقيَّةُ أدواتِ الاستِفهامِ مُخْتَصَّةٌ بطلبِ التَّصَوُّر إلاّ "هَلْ " فهي مُخْتَصَّةٌ بطَلَبِ التَّصديقِ. (الثالث) أنَّها تَدْخُلُ على الإثْبَاتِ كما تقدَّم، و على النَّفي نحو: {أَلَمْ نَشْرَحُ لَكَ صَدْرَك} (الآية "1" منسورة الإنشراح"94"). (الرابع) تَمَامُ التَّصْدير، وذلك أنَّها أوَّلًا: لا تُذْكَرُ بعد " أمْ" التي للإِ ضْرابِ كما يُذْكَر غَيرُها، لا تَقولُ: "أَقَرَأَ خَالِدٌ أمْ أَكَتَبَ " وتَقولُ: "أمْ هَلْ كَتَبَ" وثَانِيًا: أنَّها إذا كانَتْ في جملَةٍ مَعْطُوفَةٍ بـ "الوَاوِ" أو بـ "الفَاءِ " أو "ثُمَّ" قُدِمَتْ على العاطفِ تَنْبِيهًا على أصَالتِها في التَّصدِير: نحو: {أوَلمْ يَنْظُرُوا} (الآية "185" من سورة الأعراف "7") {أَفَلَمْ يَسِيروا} (الآية "109" من سورة يوسف "12") {أَثُمَّ إذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بهِ} (الآية "51" من سورة يونس "10") وأخَواتُها تتأخَّرُ عَنْ حُرُوفِ العَطْفِ نحو: {وكَيْفَ تَكْفُرُونَ} (الآية "101"من سورة آل عمران "3") {فَأَْنَ تَذْهَبُون} (الآية "26" من سورة التكوير"81") {فَأَنَّى تُؤْفَكُون} (الآية "95" من سورة الأنعام "6") {فهلْ يُهْلَكُ إلاَّ القَومُ الفَاسِقُون} (الآية "35" من سورة الأحقاف"46") {فأَيَّ الفَرِيْقَينِ} (الآية "81" من سورة الأنعام "6") {فمَا لَكُمْ في المُنَافِقِينَ فِئَتَين} (الآية "88" من سورة النساء "4"). (الخامس) تخْتَلِف هَمْزَةُ الإسْتِفْهَامِ عن غَيرها اخْتِلافًا في أمورٍ كثيرةٍ، وما يَجُوزُ فيها لا يَجُوزُ بغَيرها. فيجوزُ أنْ يَأتي بعدَها اسْمٌ مَنْصُوبٌ فَتَقول: "أعَبْدَ الله ضَرَبْتَه" و "أزيدًا مَرَرْتَ به" و "أعَمْرًا قَتَلتَ أخَاه" أو "أعمرًا اشتريْتَ لهُ ثَوبًا" ففي كل هذا قَدْ أضْمَرتَ بينَ هَمْزة الإسْتِفْهَام والاسْمِ بعدَها - فِعْلًا، والفِعْلُ المَذْكُور تَفْسِيرُه، قال جرير: أثَعْلَبَةَ الفَوارِسِ أم رِيحًا *** عَدَلْتَ بهم طَهِيَّةَ و الخِشَابا (وتقدير الكلام: أظلمت ثعلبة عدلت بهم طهية) ومثل ذلك: "ما أدْري أزيدًا مَرَرْتُ به أمْ عَمْرًا" (التقدير: ما أدري أجاوزت زيدًا، وتفسيره مررت به) أو "مَا أُبالي أعبْدَ اللهِ لقيتُ أمْ عَمْرًا" وتقولُ في الرَّفْعِ بعدَ همزةِ الإستفهامِ " أعَبْدَ اللهِ ضَرَبَ أخُوهُ زَيْدًَا"، لا يكون إلاَّ الرفع، لأنَّ الذي من سَبَب عبدِ اللهِ - وهو أخوه - مَرْفُوعٌ لأنَّه فَاعل، فَيَرْتَفِع إذا ارْتَفَعَ الذي من سَبَبِه، كمَا يَنتَصِبُ إذا انتصَبَ، ويكون الفعلُ المُضْمَرُ ما يَرْفع، كما أضمرتَ في الأول ما يَنصِب. فإنْ جعَلْت زيدًا الفَاعِلَ قلت: " أعبدَ اللهِ ضَربَ أخاه زيدٌ" (يتبع...) (تابع... 1): هَاءُ السَّكتْ: مِنْ خَصَائِصِ الوَقْفِ اجتِلابُ هَاءِ السَّكْت،...... -2 دخولُ هَمْزَةِ الإسْتِفهام على هَمْزَة الوصل: همزةُ الإستِفهامِ إذَا دَخَلَتْ على هَمْزَة الوصْلِ، ثَبَتَتْ هَمْزة الاستفهام و سقَطَتْ هَمْزَةُ الوَصْل، وذلك لأنَّ هَمْزَةَ الوصلِ إنما أُتي بها ليُتوَصَّل بها إلى النطق بالساكن الذي بَعدَها، فلمَّا دَخلتْ عليها هَمْزَةُ الاسْتِفْهَام استُغْني عَنْها بِهَمْزة الاسْتِفْهَام، فأسْقِطَتْ، نحو قولك في الاستفهام "أبْنُ زيدٍ أنت؟" و "أمْرَأةُ عَمْروٍ أنتِ؟" "أستْضعَفْتَ زيدًا" "أشْتَرَيْتَ كتابًا؟" ومنه قوله تعالى: {أتَّخذْتُم عِنْدَ اللهِ عَهْدًَا}؟ {أسْتَكْبَرتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العَالين} {اسْتَغْفَرْتَ لهُم}؟ {أَصْطَفى البناتِ على البَنين}؟ {أَطَّلَعَ الغيب} {أَفْتَرى على اللهِ كذبًا} إلى كثير من الأمثال. وقال ابن قيس الرُّقَيَّات: فقالت: أبْنَ قَيْسٍ ذا؟ *** وبَعْضُ الشَّيبِ يُعْجِبُها و قال ذو الرُّمَّة: أَسْتَحدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أشْياعِهم خَبَرًا؟ *** أمْ راجَعَ القَلْبَ من أطْرَابِه طَرَبُ؟ -3 هَمْزةُ الاسْتِفهامِ والقَسَم: تقول: "آللهِ " مُسْتَفهِمًا مَعَ التَّأْكد بالقَسَم، وكذلك "آيْمِ اللهِ؟" و "آيْمنِ اللهِ؟"، فَهَمْزَةُ الاستِفهام نَابَتْ عن "واوِ" القَسَم وجُرَّ بها المُقْسَمُ به، ولا تُحْذَفُ هنا هَمْزَةُ الوَصْل من لَفْظِ الجَلالةِ أو "أيم" أو "ايْمُنُ" و إنما تُجْعَلُ مَدَّةً كَمَا لَو دَخَلتْ على غير القَسَم فتقول: "آلرَّجُلِ فعلَ ذلك؟". فهمزةُ الاستفهامِ هنَا حَمَلتْ مَعْنَيْين: الاستفهامَ ونيابةَ الوَاوِ في القَسم فإذا قلتَ: "آللهِ لتَفْعَلَنَّ؟" فكأنَّك قلت: "أتُقسِم باللهِ لَتَفْعَلنَّ". -4 دُخُول هَمْزَةِ الاستفهام على "الْ" التعريفية: إذَا دَخَلتْ هَمْزَةُ الاستفْهام على"أل" هَمَزْتَ الأولَى ومَدَدْتَ الثَّانيَة لا غَيرُ و أشْمَمْتَ الفَتْحَة بلا نَبِرة كقولك "آلرَّجلُ قال ذاك؟" آلسَّاعَةَ جِئْتَ؟" ومنه قوله تعالى: {آلله خيرٌ أما يشْرِكُون}؟ (الآية "95" من سورة النمل "27") {آلذَّكرينِ حَرَّم أمِ الأُنْثَيَيْن} (الآية "143" من سورة الأنعام "6")، {آلآنَ و قَدْ عَصَيْتَ قَبْل} (الآية "91" من سورة يونس "10"). وقال مَعْنُ أوْس: فوَاللهِ مَا أدْرِي أآلحُبُّ شَفُّه *** فَسَلَّ عليهِ جِسْمَه أمْ تَعَبَّدا -5 خُرُوجُ الهَمْزَةِ عن الاستِفْهامِ الحَقيقي: قد تخْرَج "الهمزةُ" عن الاستِفهامِ الحقيقي فتردُ لثمانيةِ معانٍ: (1) التَّسْوية: وهي التي تقع بعد كلمة "سَواء" أو "مَا أُبَالي" و "ما أبالي" و "لَيْتَ شِعْري" ونَحْوِهِن. والضَّابِط: أنَّها الهَمْزةُ الدَّاخِلَةُ على جُملةٍ يَصِحُّ حُلُولُ المَصدَرِ مَحَلَّها نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْهمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (الآية "6" منسورة المنافقون"63") أي سَوَاءٌ عليهمْ اسْتِغْفَارُك وعَدَمُه وهو فَاعِلُ "سواء". (2) الإِنْكَار الإِبْطَالِي: وهذه تَقْتَضِي أنَّ مَابَعْدَهَا - إذا أُزيلَ الاستفهامُ - غَيرُ واقِعٍ، وأنَّ مُدَّعيَه كاذِبٌ نحو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بالْبَنِينَ واتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إنَاثًا} (الآية "40" من سورة الإسراء "17"). {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} (الآية "19" من سورة الزخرف "43"). {أَفَعَيِينَا بالخَلْقِ الأوَّلِ} (الآية "15" من سورة ق "50"). ومنه: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الآية "36" من سورة الزمر "39"). {أَلَمْ نَشْرَحْ لكَ صَدْرَكَ} (الآية "1" من سورة الانشراح "94"). ومنه قولُ جَرير في عبدِ الملك: أَلَسْتُمْ خَيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايَا *** وَأَنْدَى العَالمينَ بُطُونَ رَاحِ؟ (3) الإِنْكَار التَّوْبِيخي: وهذه تَقْتَضي أنَّ مَا بَعْدَها وَاقِعٌ وأنَّ فَاعِلَهُ مَلُومٌ نحو: {أتَعبدُونَ مَاتَنْحِتُونَ} (الآية "95" من سورة الصافات "37"). {أَغَيْرَ اللهِ تَدْعون} (الآية "40" من سورة الأنعام "6"). (4) التقرير: ومَعْناه حَمْلُكَ المُخَاطَبَ عَلى الإِقْرارِ والاعْترافِ بأمرٍ قَد استَقَرَّ عِنْدَهُ ثُبُوتُهُ أونَفْيُه، ويَجبُ أنْ يَليهَا الشَّيءُ الذِي تُقِّرره به، تقولُ في التقرير بالفعل "أنصرتَ بَكرًا" وبالفاعل "أَأَنتَ نَصَرْتَ بَكْرًا" وبالمفعولِ "أَبَكرًا نَصَرْتَ". (5) التَّهكمّ: نحو: {قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلَوتُكَ تأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (الآية "87" من سورة هود "11"). (6) الأمر: نحو: {أَأَسْلَمْتُمْ} أي أَسْلِمُوا (الآية "20" من سورة آل عمران "3"). (7) التَّعَجُّب: نحو: {أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (الآية "45" من سورة الفرقان "25"). (8) الاستبطاء: نحو: {أَلَمْ يَأنِ للَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذكْرِ اللهِ} (الآية "16" من سورة الحديد "57"). هَمْزَةُ القَطْع: كلُّ همزةٍ ثَبَتَتْ في الوَصْلِ فهي همزةُ قَطْع نحو "أحسَن" "إحسانًا" و "أمَر". همزة النداء: يُنادَى بِهَا القَرِيبُ، وهو حَرْفٌ بإجْماعِهم، ومنه قولُ امرِئ القَيْس: أَفَاطمُ مَهْلًا بَعْضَ هذا التَّدَلُّل (=النداء). هَمْزةُ الوَصْل:
-1 تَعْرِيفُها: هي: هَمزَةٌ سَابِقَةٌ مَوْجُودَةٌ في الإبتِدَاءِ مَفْقُودةٌ في الدَّرجِ. -2 مَوَاضعُها: قد تَأْتِي في بَعْضِ الأَسماء، وبَعْضِ الأفعال، وبَعْضِ الحُرُوف. -3 مَجِيؤُها في بَعْضِ الأسماء: تَجِيء من الأَسماء في مَصَادِر "الخُمَاسِي" و "السُدَاسِي" كـ "انْطِلاقٍ" "اسْتِنْفَارٍ" وفي ااثْنَي عَشَرَ اسْمًا وهي: "اسْمٌ، واسْتٌ (الاست: الدبر)، وابنٌ، وابنُمٌ، وابنةٌ، وامْرُؤٌ وامْرَأةٌ، واثنانِ، واثنتانِ، وايمُن المَخْصُوص بالقَسَم، وايمُ لُغَةٌ فيه وألْ الموصوفة" (=في حروفها). -4 مَجِيؤها في بَعْضِ الافعال: تأي همزةُ الوَصْل مِنَ الأفعالِ في الفِعل "الخماسي" كـ "انطلَقَ" و "اقتدَرَ" والفِعْل "السداسي" كـ "اسْتَخْرَجَ" وأَمْر الثلاثي نحو "اكْتبْ". -5 مَجِيؤها في بَعْضِ الحُرُوفِ: لا تَأتي هَمْزَةُ الوَصْلِ مِنَ الحروفِ إلاَّ بحرفٍ واحدٍ هو "أَل". -6 حركتها: لِهمْزَةِ الوَصلِ بالنِّسبةِ إلى حَرَكتِها سَبْعٌ حالات: (1) وُجُوبُ الفَتْح في المَبْدُوءِ بِها مثل"أَلْ". (2) وُجُوبُ الضَّمِّ في مثلِ "اُنْطُلِقَ" و "اُسْتُخرِج" مَبْنيَّين للمجهول، وفي أَمْر الثلاثي المضمومِ العين أصالة (بخلاف: "امشوا" ومثلها "اقضوا" فقد ضما لمناسبة الواو، والأصل فيهما: امشيوا و اقضيوا، أسكنت الياء للاستقلال، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمجانسة الواو) نحو "اُنْصُرْ" و "اُقْتل". (3) رُجْحَانُ الضَّمِّ على الكَسرِ، وذلك: إذا زَالَت الضَّمّةُ اللاَّزمَةُ قَبلَ الآخِرِ لاتِّصالِ مَحَلِها بـ: "الياء المؤنَّثة" نحو "أُغزِي" والضَّم هو الرجح. (4) رُجْحان الفَتْحِ على الضَّم في "ايْمَن" و "ايْمُ". (5) رُجْحان الكَسر على الضَّم في كلمة "اسْمٍ". (6) جَواز الكَسرِ والضَّم والإِشمام في نحو "اخْتار" "انقَاد" مبنيَّين للمَجْهُول، فالضَّم في "اخْتُور وانْقُود" والكَسْر والإشمام في "اخْتِير وانْقِيد". (7) وجُوبُ الكَسْرِ فيما بَقي من الأَسماءِ العَشَرَة (المار ذكرها في رقم (3))، وفي المصادر والأفعال. -7 حَذْفُ هَمزَةِ الوَصْلِ أو عَدَمُ حَذْفِها: تُحذَفُ هَمزَةُ الوَصلِ المكْسُورَة أوِ المَضْمُومَة إذا وَقَعَتْ بَعْدَ هَمْزَةِ إسْتِفْهام فالأولى نحو: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْريًّا} (الآية "63"من سورة ص "38" واصلها: أإتخذناهم)، {أَستَغْفَرتَ لَهُمْ} (الآية "6" من سورة المنافقون"63") "أبْنُكَ هذا؟" والثانية نحو: "أَضْطُرَّ الرَّجُلُ " (وأصلها: أأضطر). وإنْ كانَتْ هَمْزَةُ الوصلِ مَفْتُوحةً لا تُحذَفُ لِئلا يَلْتَبِسَ الإستفهامُ بالخبَرَ لكنْ يَترَجَّح اَنْ تُبْدَلَ أَلِفًا تقولُ "آلحْسنُ عِندك؟" و "آيْمُن اللهِ؟" وقَدْ تُسَهَّلُ همزةُ الاستِفهامِ بَيْنَ الألفِ و الهمْزَةِ مع القَصْرِ وهذا مَرْجُوحٌ، ومن التسْهيل قَولُ عُمَر بنِ أبي رَبيعة: ألحَقَّ أنْ دَارُ الرَّبابِ تَبَاعَدَتْ *** أو انْبَتَّ حَبْلٌ أنَّ قلبَكَ طَائِرُ -8 هَمْزَةُ الوصلِ لا تَثْبُتُ في الدَّرجِ إلاَّ في الضرورة: لا تَثْيُتُ هَمْزةُ الوصلِ في الدَّرجِ إلاَّ في الضَرورةِ كقولِ قيسِ بنِ الخَطِيم الأَنْصارِي: إذا جَاوَزَ الإِثنينِ سِرٌّ فَإنَّهُ *** بِنَثٍّ وتَكْثِيرِ الوُشَاةِ قَمِينُ (النثُّ: الإفشاء و الإذاعة، الوشاة: النمامون، قمين: جدير.) -9 لا تُحذَفُ همزَةُ الوصلِ خطأ إلاَّ في مَواضع: تُحذفُ همزةُ الوصلِ لَفْظًا، لاخطًا إنْ سُبِقَت بكلامٍ نحو "جَاء الحَقُّ" و "قُلِ الصدْقَ". وقد تُحذَفُ لَفْظًا وخَطًّا في "ابنِ" مَسْبُوقٍ بعَلم وهو صِفَةٌ له بعدَه عَلَمٌ هو أَبٌ له، مَا لَمْ يَقَعْ في أوَّلِ السطر نحو "محمد عبد الله" وكذا في "بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم". بشرطِ أنْ تُذكَرَ كُلُّها، وألاَّ يُذْكَرَ مَعَها مُتَعَلَّق، فلو كتَبْتَ: باسم الله فقط لم تحذف ألف الوصل، وكذلك: باسم الله الرحمن الرحيمم كتابتي وكذا هَمْزَة "أَلْ" إنْ جَرَرْتَ اسمَها باللامِ كقولِكَ"للرَّجُلِ". هُنَا: ظرفُ مَكَانٍ لا يَتَصرَّف إلاَّ بالجَرّ بـ "مِنْ" و "إلى" فإذا قلنا: "ها هنا" فها للتنبيه، وتقول: "من هنا" و "إلى هنا"،. هَنَّا: بالفَتْح والتَّشْديد للمَكانِ الحَقِيقي الحِسّيِّ، لا يُستَعملُ في غيِره إلاَّ مَجَازًا. هَنِيئًا لك: (=الحال 16). هنيئًا لك العيدُ: فـ "هَنِيئًا" حَال، والتَّقْدير: وجبَ ذلك لك هَنِيئًا، "والعيدُ" فاعل هَنِيئًا، ومن هذا قولُ أبي الطيب: هَنِيئًا لكَ العِيدُ الذي أنت عِيدُه *** وعِيدٌ لمن سَمَّى وضَحَّى وعَيَّدا هناه: (=يا هناه). هو: ضمير رفع منفصل (=الضمير /1). هَيَا: لغة في "أيا" وهيَ أَداةٌ لِنِداءِ البعيدِ نحو قول الحُطَيئة: فقال: هَيَا رَبّاهُ ضَيفٌ ولا قِرىً *** بحقِّكَ لا تَحْرِمْهُ تا اللَّيلةَ اللَّحما هيّا: اسمُ فعل أمرِ، ومعناه أسرِع (=اسم الفعل). هَيْهَاتَُِ: مثلَّثةُ الآخر: اسمُ فعل ماضٍ معْنَاه بَعُد ومثلها "أَيْهات وهَيْهان، وأيْهان، وهَايَهَات، وأيْهَات، وأيهات"، كلها مثلثات و "هيْهَاهْ" سَاكِنة الآخر، في نحو خَمْسينَ لُغَةً، نحو: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَما تُوعَدُون} (الآية "36" من سورة الؤمنون "23") وهَيْهَاتَ أكثَرُهَا استعمالًا. هَيْتَُِ لَك: مثلثةُ الآخر، وقد يكسرُ أوّله، أي هَلُمّ وتَعالَ، يستوي فيه الواحدُ والجمعُ والمؤنّثُ، إلا أنّ مَا بَعدَ اللاّمِ يتصرّف بالضمائرِ تقولُ: هيتَ لكَ ولكُما ولكُمْ ولكُنَّ، وهي اسمُ فعلِ أمرٍ. وَا: تأتي على وَجْهَين: (الأوّل) أنْ تكونَ اسمَ فِعلِ لأَعجب أو تأتي للزّجر كقول الشاعر: وَا بِأبي أنتِ وَفُوكِ الأشْنَبُ *** كأنّما ذُرّ عليهِ الزّرْنَبْ (الزرنب: شجر طيب الرائحة) (=اسم الفعل). (الثاني) أنْ تأتي حرفَ نداء مختصًّا بالنُّدبة نحو "وَا زَيْدَاه، وَاقَلْبَاه " (=الندبة). وَاهَ وواهًا: كلمتان وُضعَتّا للتلهُّف أو الاستطابَة قال أبو النجم: واهًَا لِريّا ثمّ واهًا واها *** يا لَيْتَ عَيْنَاها لَنَا وَفَاهَا بِثَمنٍ نُرضِي بهِ أبَاها *** فَاضَتْ دُمُوعُ العَينِ من جرّاها هي المنى لو أننا نِلْنَاها. قال ابن جني: إذا نوّنتَ فكأنّكَ قلت: استطابةً، وإذا لم تنوّن فكأنكَ قلتَ: الاستطابةُ، فصار التنوين علمَ التنكير، وتركُه علمَ التعريف، أقول: وهذا سارٍ في أكثر أسماء الأفعال وخُصُوصًا ما ختم منها بهاءِ كـ "صهٍْ" و "مهٍْ" و "إيهٍ". وقد تأتيانِ للتعجّب تقول "واهًا لهذا ما أحسنَه" ويقال في التّفْجيع: "واهًَا وواهَ"، وهي بجميع معانيها: اسمُ فعلٍ مضارع. واو الاستِئْناف: وهي نحو{لِنُبَيّنَ لَكُمْ ونُقِرّ في الأرْحَامِ ما نَشَاء} (الآية "5" من سورة الحج "22")، ولوكانتْ وَاو العطفِ لانْتصبَ "نُقِرُّ" وصريح في ذلكَ قولُ أبي اللحام التَّغلِبي: عَلَى الحكمِ المَأْتِيّ يومًا إذا قَضَى *** قضيّتهُ أنْ لا يَجُورَ ويَقصِدُ (يقصد: يعدل) وهذا مُتعيّنٌ للاستئناف، لأنّ العطفَ يجعلُه شريكًا في النّفي فيلزمُ التناقض. واو الحال: وتدخلُ على الجملة الإسميّةِ نحو "أَقْبَلَ خالدٌ وَهوَ غَضْيان" وعلى الجملةِ الفعليّة نحو قول الفرزدق: بأيدي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهم *** ولم تكثرِ القَتلى بها حيَنَ سلّتِ ولو قدّرتَ العَطفَ بالواو في: "ولَمْ تكثُر" لانَقَلبَ المدحُ ذمًّا، والمعْنى: لم يَغمُدوا سِيوفهمُ حالَ عَدَم كَثْرة القَتلى منهم بها. واو العَطْف:
-1 هي أصلُ حروفِ العطف، ومَعْناها: إشراكُ الثاني فيمَا دَخَل فيه الأوّل، وليسَ فيها دليلٌ على أيّهما كانَ أوّلاّ (ويستدرك منهذا الإطلاق: بعضُ الأعداد فإن منها ما يكون لمطلق الجمع مثل {ثلاث أيامفي الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملةٌ} ومنها يؤتى به ويراد منه الإنفراد لا الإجتماع، وهي الأعداد المعدولة ك"ثلاث" و "رباع" وعلى هذا يفسر قوله تعالى: {فإنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (الآية "3" من سورة النساء)، وكذالك قوله تعالى: {جاعل الملائكة رسلًا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} ولا حاجة لتأويل الواو هنا بـ "أو" كما يقول ابن هشام)، فَتَعْطفُ مُتَأَخّرًا في الحُكمُ، ومَتَقدّمًا، ومُصاحبًا، فالأوَّل نحو قوله تعالى: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًَا وإبْرَاهِيمَ} والثاني نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إليْكَ وإلى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (الآية "2" من سورة الشورى "42") والثالث نحو: {فَأَنْجَيْنَاهُ وأصْحَابَ السَّفِينَة} (الآية "15" من سورة العنكبوت "29") ونحو{واسجدي واركعي مع الراكعين}، والسجود بعد الركوع. -2 الواو بمعنى الفاء: قد تأتي الواوُ العَاطِفَةُ بمعنى الفاء وذلك في الَخَبِر، كقولك: "أنتَ تَأتِيني وتُكرمُني" و "أنَا أزُورُكَ وأعطيكَ" و "لم آتِكَ وأكْرِمْكَ " وفي الاسْتِفْهَام إذا استفهمتَ عن أمْرَين جميعًا نحو "هَلْ يأتي خالدٌ ويخبرني خبرَه؟" وكَذلكَ أين يَذهبُ عمروٌ وينطلقُ عَبْدُ الله". -3 اختصَاصُ الواوِ العاطفَة: تختصُّ الوَاوُ منْ سائِرِ حُرُوفِ العَطفِ بواحدٍ وعشرينَ حكْمًا: (1) أنَّها تعطفُ اسمًا لا يستْغَنى عنهُ كـ "اخْتَصَمَ عَمْرٌو وخالدٌ" وَاصطَفَّ بَكْرٌ وعَلّيٌ و "اشْتَرك مُحَمَّدٌ وأخُوه" و "جلَستُ بَيْنَ أخي وصديقي" لأنَّ الاخْتصامً والاصطفافَ والشّركة والبيّنيّة من المعاني التي لا تقومُ إلا بإثنَينِ فَصَاعِدًا. (2) عَطْفُ سببيٍّ على أجنبيٍّ في الاشتغالِ ونحوه، نحوَ "زَيْدًا أكرمتُ خالدًا وأخاه" (الأجنبي هو "خالدًا والسببي هو "أخاه". (3) عطفُ ما تَضَمَّنَهُ الأوَّلُ إذا كانَ المعطوفُ ذا مَزِيَّةٍ نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الوُسْطَى} (الآية "238" من سورة البقرة "2"). (4) عطفُ الشَّيء على مرادفهِ نحو {شِرْعَةً ومنْهَجًَا} (الآية "38" من سورة المائدة "5"). (5) عطفُ عاملٍ قَدْ حُذِفَ وبَقِيَ مَعْمُولُهُ نحو {والَّذينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ والإِيمانَ} (الآية "9" من سورة الحشر"59" وكلمة الإيمان في الآية وإن كانت في الظاهر معطوفة على الدار ولكن فعل "تبوؤوا " لا يصح للإيمان، لأن تبوؤ في الأماكن فلا بدَّ لها من تقدير فعل يناسبها مثل "اعتفدوا" وهذا هو العامل المحذوف على نحو قول الشاعر: علفتها تبنًا وماءً باردًا، المعنى: وسقيتها ماءً باردًا). (6) جَوازُ فَصْلِها مِنْ مَعْطوفِهَا بظَرْفٍ أو عَدِيلهِ، نحو {فَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أيْديهمْ سَدًَّا ومِنْ خَلْفِهِم سدًّا} (الآية "9" من سورة يس "36"). (7) جَوازُ تقْدِيمها وتَقْدِيمِ مَعْطوفها في الضَّرورَةِ نحو قوله: جَمَعْتَ وفُحشًا غِيبَةً ونَمِيَمَةً *** خِصالًا ثلاثًا لستَ عنها بمُرْعَوِي (8) جوازُ العطفِ على الجِوارِ في الجرِّ خاصةً نحو {وامْسَحُوا بِرُؤُوُسِكُمْ وأَرْجُلِكُمْ} (الآية "6" من سورة المائدة "5". و المراد بالجوار هنا: أن كلمة برؤوسكم مجرورة فجرُّ ما بعدها وهي أرجلكم لمجاورةها ما قبلها، وهذه قراءة من جرّ أرجلكم، والقراءة الثانية: وأرجلكم بفتح الام عطفًا على الوجوه، على الأصل)، في قراءةِ أبي عمرو وأبي بَكر وابن كثير وحمزة. (9) جَوَازُ حَذْفِها إنْ أَمِنَ اللَّبسَ كقوله: " كيفَ أصْبَحَتَ كَيْفَ أمْسَيْتَ ". (10) إيلاَؤها "لا" إذا عَطَفْتَ مُفْرَدًا بعدَ نَهيٍ نحو: {لا تُحَلُّوا شَعَائِرَ اللهِ ولاَ الشَّهْرَ الحَرامَ ولاَ الهَدْيَ ولا القَلاَئِدَ} (الآية "2" من المائدة "5" وظاهر أن النهي بـ (لا تحلوا) وإيلاؤها "لا" بـ (ولا الهدي ولا القلائد)). أو نَفْي نحو {فَلاَ رَفَثَ ولاَفُسُوقَ ولاَجِدَالَ} (الآية "197" من سورة البقرة "2"). (11) إيلاؤُهَا "أما" مَسْبُوقَةً بمثْلِها غالبًا إذا عَطَفْتَ مُفردًا نحو: {إمَّا العَذَابَ وإمَّا السَّاعَةَ} (الآية "75" من سورة مريم "19"). (12) عطفُ العَقْدِ على النَّيِّف نحو "أحَدٍ وعِشرين ". (13) عَطْفُ النُّعوتِ المفَرَّقَةِ مع اجتماعِ منْعُوتها كقوله: عَلى رِبَعْينِ مَسْلُوبٍ وبَالِي (14) عطفُ مَا حَقَّهُ التَّثْنِيَة والجمع كقولِ الفرزدق: إنَّ الرَّزِيَّةَ لا رَزِيَّةَ مِثْلُها *** فُقْدَانُ مثلِ مُحَمَّدٍ ومُحَمَّدٍ (15) عطف العامِ على الخاصِّ نحو {رَبِّ اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ وَلمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وللمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَات} (الآية "28" من سورة نوح"71"). (16) اقْتِرانها بـ "لكنْ" نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ} (الآية "40" من سورة الأحزاب "33"). (17) امتناعُ الحِكَايةِ معها (الحق أن اقتران العاطف مطلقًا يبطل الحكاية لا الواو وحدها)، فلا يُقَال: "ومَنْ زيدًا؟" حكايةً لمن قال: رأيتُ زَيدًا، وإنما يقال: من زيدًا. (18) العَطْفُ التَّلْقِيني نحو قوله تعالى: {مَنْ آمَنَ مِنْهم باللهِ واليَومِ الآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ} (الآية "126" من سورة البقرة "2"). (19) العَطْفُ في التَّحْذِيرِ والإِغراءِ نحو {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَّاهَا} (الآية "13" من سورة الشمس"). ونحو "المُرُوءَةَ والنَّجْدَةَ". (20) عَطْفُ السَّابِقِ على اللاَّحِقِ نحو {كَذَلِكَ يُوحِي إلَيْكَ وإلى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} (الآية "3" من سورة الشورى "42"). (21) عطف "أيّ" على مِثلها نحو: "أيِّي وأيُّكَ فارِسُ الأحْزَابِ". (22) دخولُ همزة الاستفهام على الواو والفاء: همزة الاستفهام تدخل قبل الواو والفاءِ العاطفتين، يقول القائل: رأيت أحمدَ عند عمروٍ، فتقول: "أوَ هُو مِمَّن يُجَالِسُه؟ " ومثله قوله تعالى: {أوَ أمِن أهْلَ القُرى} (الآية "3" من سورة الأعراف "7")، وهذه الهمزةُ الاستفهامية وحدَها تتقدم على الواو والفاء لتمكنها، و مثال الفاء {أفأمِنَ أهلُ القُرى} (الآية "97" من سورة الأعراف "7") وليس "ذا" لِسَائِر حُرُوِف الإستفهَام فإنَّ "الوَاو "والفاء تدْخُل على حُرُوفِ الاستِفْهَام نحو "وهَل هُو عِنْدَك؟ " و "كيفَ صنعت" و "متَى تَخْرُج". واو القسم: مِنْ حُرُوفِ الجَرِّ، وهي من أكثَر أدوَاتِ القسَم اسَتِعْمالًا، تدْخُل على كلِّ مَحْلُوفٍ به. ولا تَجُرُّ إلاَّ الظَّاهِرَ، ولا تَتَعَلَّق إلاَّ بمَحْذوفٍ نحو{وَالعَادِيَاتِ ضَبْحًَا} (الآية "1" من سورة العاديات"100") فإنْ تَلَتْها واوٌ أخرى نحو: {وَالتِّينِ والزَّيْتُونِ} (الآية "1" من سورة التين"95"). فالتالية واو عطفٍ، وإلاَّ لاحْتَاجَ كلٌّ مِنَ الاسمين إلى جَوابٍ. الوَاوُ المَسْبُوقَةُ باسمٍ صَرِيحٍ: وهي الدَّاخِلَةُ على المُضارِع المَنْصُوبِ بأنْ مُضمَرةً جوازًا لِعَطفِهِ على اسمٍ صرِيحٍ، وذلكَ كقَولِ نَيْسُون بنت بَحدَل زَوج مُعَاوية: وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيني *** أَحَبُّ إليَّ مِن لُبسِ الشُّفُوفِ وَاوُ المَعِيَّة: جَعْلُ ما بَعْدَ وَاوِ المَعَيَّةَ جَوابًا لِمَا قَبْلَه، لَيْسَ لهُ في الكلام إلا مَعْنىً واحِدٌ، وهو الجمعُ بينَ الشيئين، وهو مَعْنى المَعِيَّةِ، فإذا قُلنا: "لا تَأْكلِ السَّمَكَ وتَشرَبَ اللبَنَ" فالمراد: لا يَكُن منك جَمعٌ بَين السَمَكِ واللَّبنَ. فإن أدْخَلنا السَّمكَ واللَّبن في النَّهي قُلنا "لا تَأكُلِ السمكَ وتَشربِ اللبَنَ" فقَد نَهاهُ عن كليهما، وهذا على العطف، لأنك أدْخَلَتَ مَا بَعْدَ واوِ العَطفِ فيما دَخَل فيه المَعطُوف عليها. ولا تَكونُ وَاوُ المَعِيَّةِ في الخبر مُطلقًا، بل لا بُدَّ أن يَتَقَدَّمها نَفيٌ أو طَلَبٌ كالفاء السببية وقد تقدم، (= فاء السببية). وعلى هذا تقولُ مثلًا: "لا يَسَعُني شيءٌ ويعجُزَ عنك" فليسَ هنا يُخبِر أنَّ الأشياءَ كلَّها لا تَسَعُهُ، وأن الأشياءَ كلَّها لا تَعجز عنه، فيكون الرفعُ والعطفُ، وإنَّما المرادُ: لا يَسَعُني شيء إلاَّ لَم يَعْجُز عنك، ولو قُلنا "لا يَسعُني شَيءٌ فَيَعْجُزَ عَنْك" كان جِيِّدًا. قال سيبويه: ومِن النَّصب في هذا الباب قوله تعالى: {أم حَسِبتُم أن تَدخُلوا الجَنَّةَ ولمَّا يَعلم اللَّهُ الذين جاهَدُوا مِنْكم ويَعْلم الصَّابرين} والشاهد: ويَعْلمَ وهناك قِراءَة شَاذَّة بالجزم عطفٌ على "ولمَّا يَعْلمَ". ومِثال الأمر قولُ الأعشى: فقلتُ ادْعِي وأَدعُوَ إنَّ أنْدَى *** لصوتٍ أنْ يُنادِيَ دَاعِيانِ أي اجمعي بين دعائي ودعائك. والنَّهي نحو قولِ أبي الأسود: لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتيَ مِثلَهُ *** عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظيمُ أي لا تَجتَمع أن تَنْهى وتتأتي مِثلَه وهكذا. والنَّفي نحو "لم يَأمُر بالصِّدقِ ويكذبَ"، والتَّمَني نحو "لَيْتَ خَالِدًا يقُولُ ويَعْملَ فيما يَقول"، والاستِفهام نحو قولِ الشاعر: أَتَبيتُ رَيَّانَ الجُفُونِ مِنَ الكَرَى *** وأَبيتُ مِنكَ بلَيْلَةِ المَلْسُوعِ والحَقَّ أن هذه الواوَ واوُ العطف. واوُ المَفْعُولِ مَعَه:
(= المفعول معه) وَجَدَ:
-1 مِنْ أَخَواتِ "ظَنَّ" وهي مِنْ أَفْعالِ القُلُوب وتُفِيدُ في الخبر يَقِينًا وحُكْمُها كحكمِ "ظَنَّ" تَنصِبُ مَفعولين أصْلُهُما المبتدأ والخَبَر نحو {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هوَ خَيْرًا} (الآية "20" من سورة المزمل "73"). (=ظنَّ وأخواتِها). -2 "وَجَدَ" بمعنى أصَابَ نحو "وَجَدْتُ ضَالَّتي" أي أَصَبتُها، فَتَتَعَدَّى هذه لِمَفعُولٍ وَاحدٍ. -3 "وَجَدَ" بمعنى حَزِنَ أو حَقَدَ فلا تَتَعَدَّى بل هي لاَزِمَةٌ. وراءُ: من أسماء الجِهات، تكونُ بمعنَى خَلْف، وقد تكونُ بمعنى قُدَّام، فهي على هذا من الأَضداد، وإذا أُضِيفَتْ نُصِبَتْ على الظَّرفية، وأنشد لعُتيّ بنِ مالك العقيلي: إذا أنا لَم أُو مَن عَلَيك ولم يَكُن *** لِقَاؤكَ إلاّ مِن وَرَاءُ وَرَاءُ وقولهم: "ورَاءَكَ أَوسَعُ لك" نُصِبَ بالفعل المقدر، أي تأخر (=قبل). وَسْطَ: إذا سكَّنَت السين نَصَبْتَهُ على الظرفية المكانية، نحو "وَسْطَ رأسِك طِيبٌ" تريد: إنه استَقرَّ في ذلك المكان. أمّا "وَسَط" بفتح السين، فهو اسم غَير ظرف تقول: "مَسَحتُ وَسَط رأسي" فوسط مفعول به لمسحت ونحو "خَرِبَ وسَطُ الدار". وَحْدَه: مَصررٌ لا يُثنى ولا يُجمَع، ولا يُغَيَّر عن النصب على الحال، وهو نكرة، إلا في قولهم "نسيجُ وحدِه" و "قريعُ وَحدِه" و "جحَيْشُ وَحدِه" و "عيَيْرُ وَحدِه" فإنه يُجَر بالإضَافة، والأولى مَدح: أي وَاحِدٌ في مَعْناه، والثاني مَدحٌ أيضًا للمُصيب في رأيه، والثالث والرابع: ذمٌ يُرادُ بهما رجلُ نفسِه لا يَنْتَفِع به غيره. وَقت: ظَرفٌ مُبْهم (= الإضافة) الوَقْفُ:
-1 تَعريفُه: هُوَ قَطعُ النُّطقِ عند آخِرِ الكلمة، والمُرادُ به هُنا الوقفُ الاختِياري (وهناك أوقاف أخرى غير مقصودة هنا، وهي: الاختباري بالموحدة والإنكاري والتذكري والترنمي والاستثباتي انظرها في حاشية الأشموني). -2 تغييراتُ الوَقف: للوقفِ تَغييراتٌ تنحصرُ في أحدَ عَشَر نَوعًا، ونَجتزئ منها بِسَبعةٍ جَمَعها بعضهم بقوله: نَقلٌ وحَذفٌ وإسكانٌ ويَتْبَعها التَّضعِيفُ والرَّومُ والإِشْمامُ والبَدَلُ -3 الوَقْفُ على مُنَوَّن: أرْجَحُ اللَّغَاتِ وأكثرُها (وهُناك لُغَتان أُخريان: لُغَةُ رَبِيعة: وهي حَذفُ التَّنوين مُطلقًا والوقف بالسَّكون، ولُغة الأَزدِ وهي: إبدال التنوين أَلِفًا بعد الفَتحة وواوًا بعد الضمة وياء بعد الكسرة). أن يُحذَفَ تَنوينَهُ بعدَ الضَّمةِ والكَسرةِ كقولك: "هَذا عليّ" و "نظَرتُ إلى عليّ" أمّا بعدَ الفتحة إعرَابِيَّةً كانت أو بِنائِيَّةً فيُبدَلُ التَّنوينَ أَلِفًا مثالُ الإِعرابيةِ {عُرُبًا أترابًا} (الآية "37" من سورة الواقعة "56")، ومثال البنائيةِ "إيها" اسم فِعل بمعنى انكَفِفْ و "ويها" اسم فعل مُضارع بمعنى أَعجب. و "أذا" شَبَّهُوها بالمُنَوَّنِ والمنصوبِ، فأبدلوا تنوينَها في الوقفِ ألِفًا (واختار بعضهم الوقف عليها بالنون). -4 الوَقفُ على هاءِ الضَّمير: إذا وَقَفْنا عَلى هَاء الضَّمير، فإن كانتْ مَفتُوحَةً ثَبَتَتْ أَلِفُها كـ "رَأَيتُها" و "مرَرْتُ بها" وإن كانت مَضمُومَةً أو مَكْسُورَةً حُذِفَت صِلتها، وهي الواو للضَّمَّةِ والياءُ للكسرة كـ "رأيْتُه" و "مررتُ به" إلا في ضَرُورةِ الشّعر فيجوز إثباتُها كقولِ رُؤبة: وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤُهُ *** كأنَّ لَونَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ (المهمه: المفازة، وأرجاؤه: نواحيه، والتشبيه مَقلوب أي كان لَون سمَائه من الغَبرةِ لونُ أرضه). -5 الوَقْفُ عَلى المَنْقوص: المَنْقُوصُ المَخْتُومُ بياءٍ فإذا وَقَفنا عَلَيه وجَبَ إثباتُ يائِهِ في ثَلاثِ مَسَائل: (1) أَنْ يكُونَ محذُوفَ الفَاءِ أيْ أوَّلِ الكلمةِ كما إذا سَمَّيْتَ بمضارعِ "وَفَى" وهو "يَفي" لأنَّ أصلَها "يَوْفَى" حُذِفَتْ" فَاؤُه فَلَوْ حُذفَتْ لامُهُ لكانَ إجْحَافًا. (2) أَنْ يكونَ مَحْذوفَ العَيْنِ أي وَسْط الكلمةَ نحو "مُرٍ" اسمُ فاعلٍ من "أَرَى" أصله "مُرئي" نُقِلَتْ حَرَكةُ عَيْنِه وهيَ الهمزةُ إلى الرّاءِ، ثُمَّ حُذِفَتْ للتَّخفِيفِ، وأُعِلَّ قَاضٍ (قاضٍ: أصلها قاضي بياء ساكنة وتنوين ساكن فحذفنا الياء الساكنة للتخلص من التقاء الساكنين) فلا يجُوزُ حذفُ الياءِ في الوَقْفِ. (3) أنْ يكونَ مَنصُوبًا مُنَوَّنًا نحو {رَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} (الآية "193" من سورة آل عمران "3")، أو غَيْرَ مُنَوَّن نحو {كَلاَّ إذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} (الآية "26" من سورة القيامة "75")، فإنْ كانَ مَرْفُوعًا أو مَجْرُورًا جَازَ إثباتُ يَائِه وحَذْفُها، ولكنَّ الأَرْجَحَ في المُنَوَّنِ الحَذْفُ نحو "هَذا نادٍ" و "نظَرْتُ إلى نَادٍ" ويجوزُ الإثباتُ (ورجحه يونس) وبذلك قُرئ {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادِي} (الآية "7" من سورة الرعد "13")، {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالي} (الآية "11" من سورة الرعد "13") والأرجح في غير المُنوَّنِ الإِثباتُ نحو "هَذَا الدَّاعِي" و "مرَرْتُ بالرّاعِي" و "قرَأ الجمهورُ {الكبيرُ المُتَعَالِ} (الآية "9" من سورة الرعد "13") بالحذف". -6 الوَقْفُ على المُحَرَّك: لكَ في الوقفِ على المُحَرَّكِ الذي ليس ياء التأنيثِ خَمْسَةُ أوحُهٍ: (1) السُّكُونُ وهو الأخل، ويتعينُ ذلكَ في الوقفِ عَلى تاءِ التأنيثِ كـ "رُبَّتْ وثُمَّتْ". (2) أنْ تَقِفَ بالرَّوم، وهو إخفاءُ الصَّوتِ بالحَركَةِ ويجوزُ في الحَرَكاتِ كُلِّها. (3) أنْ تَقِفَ بالإشْمام ويخْتَصُّ بالمَضمومِ، وحَقِيقَتُهُ الإشَارَةُ بالشَّفَتَينِ إلى الحَرَكَةِ بَعْدَ الإسكانِ مِنْ غيرِ تَصْويت. (4) أنْ تَقِفَ بتَضعيفِ الحَرْفِ المَوْقُوفِ عليه نحو "هَذا خالدّ" وشَرْطُهُ: ألاَّ يكونَ المَوقُوفُ عليهِ هَمْزةً كـ "خطأ" و "رشَأ" ولا يَاءً كالقَاضِي ولا وَاوًَا كيَدْعُو ولا أَلِفًا كـ "يَخْشَى" ولا تَالِيًا لسُكُون كـ "عَمْرٍ وبَكْرٍ". (5) أنْ تَقِفَ بنَقْلِ حَرَكَةِ الحَرْفِ الأخيرِ إلى ما قَبْله كقِرَاءَةِ بَعْضِهم {وَتَوَاصَوْا بالصَّبرِ} (الآية "3" من سورة العصر "103") وشَرْطُهُ أَنْ يكونَ مَا قَبْلَ الآخر سَاكِنًا لا يَتَعَذَّرُ تحريكُهُ ولا يُسْتَثْقَلُ، وألاَّ تكُونَ الحركةُ فَتحةً وألاَّ يُؤَدِّي النَّقلُ إلى عَدَمِ النَّظِيرِ (فلا يجوز الوقف بنقل حركة الخرف الأخير في نحو (هذا جعفر) لتحرك ما قبله، ولا في (إنسان) ويُشدُّ لأن الألف والمدغم يَتَعَذَّر تحريكُهما ولا في نحو (يقول ويبيع) لأن الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها تستثقل الحركة عليها، ولا في نحو "سمعت العلم" لأن الحركة فتحة ولا في نحو "هذا علم" لأنه ليس في العربية فعل). -7 الوَقْفُ على تَاءِ التَّأنِيثِ: يُوقَفُ عَلَيها بالتاء إنْ كانَتْ متصلةً بحرفٍ كـ "ثُمَّتْ" و "ربَّتْ" أو فِعلٍ كـ "قَامَت" أو باسمٍ وقبلَها سَاكِنٌ صَحِيحٌ كـ "أُخْتْ" و "بنْتْ" وجاز إبقاؤها وإبْدَالُها هاء إن كانَ قَبْلَها حَرَكَة (ولا تكون الحركة إلا فتحة) نحو "ثَمَرة" و "شجَرَةَ" أو سَاكِنٌ مُعْتَلٌ نحو "صَلاة" و "زكاة" و "مسلِمات" و "أولات" لكنَّ الأرْجَحِ في جَمعِ التصحيحِ كـ "مُسْلِمات" وفيما أشبَهَه وهو اسمُ الجمعِ كـ "عَرَفَات" و "أذْرِعات" أو تقديرًا كـ "هَيهات" (فإنها في التقدير: جمع هيهية ثم سمي بها الفعل) الوَقْفُ بالتَّاء والأرجحُ في غيرهما الوَقْفُ بإبدالِ التّاءِ هاءً. وَلاسِيَّمَا:
-1 تَرْكِيبُها ومَعنَاها: تَتَرَكَّتُ "ولا سِيَّما" مِنَ الوَاوِ الاعْتِراضِيَّة و "لا" النّافِية لِلجنْس و "سيّ" بمعنى مِثْل و "ما" الزَّائدة، أو المَوْصُولة، أو النَّكرِة المَوصوفة بالجُمْلة، فَتَشْديدُ يَائها ودُخُولُ "لا" عليها، ودُخولُ الوَاو على "لا" وَاجِبٌ، قال ثَعلب: "مَن استَعْمَلَهُ على خِلافِ مَا جَاء في قَولِه أي امرِئ القيس "ولا سيَّما نومٍ" فهو مُخْطِئ، وذكَرَ غَيْرُه: أنها قد تُخَفَّف، وقد تُحذفُ الواوُ. وتقديرُ معنى "وَلا سيما يومٍ " ولا مثلَ يومٍ مَوْجُودٌ، أو: ولا مثل الذي هُوَ يومٌ، أو لا مِثلَ شَيءٍ هو يَومٌ. -2 إعراب "ولا سِيَّما يَومٌٍ": لإعرابها ثَلاثَةُ أَوجُه: (الأول) أن تكونَ الوَاوُ: اعتِراضِيَّةً و "لا" نافِيةٌ للجِنس و "سيّما" سيّ: اسمُها منصوبٌ بها لأنَّه مضافٌ، و "ما" زائدة و "يومٍ" مضافٌ إليه، وهُوَ الأرجح، وخبرها محذوف أي مَوجودٌ. (الثاني) أن تكونَ "مَا" مَوْصولة، أو نَكِرَةً مَوصُوفَة، مُضافٌ إليه، و "يومٌ" خَبر لِمُبتَدأ مَحْذُوف التَّقْدير: هُو يوم. (الثالث) أَنْ تكونَ "مَا" كافةً عن الإِضافَةِ و "يومًا" تَمْييز، كما يضقَعُ التمييزُ بعدَ مثل، وعندئذٍ ففتحة سِيّ على البناءِ. هذا إذا كانَ مَا بَعدَ "سِيَّما" نَكِرَةً، أمّا إذا كانَ مَعرفةً فمنعَ الجمهورُ نَصبه نحو "ولا سيَّما زيدٌٍ". وقد تَرِدُ "ولا سيَّما" بمعنى: خُصُوصًَا فتكونُ في مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعولًا مُطْلَقًا لأَخُص مَحذُوفًا وحِينَئِذٍ يُؤْتَى بعدَه بالحال نحو: "أحِبُّ زَيدًا ولا سيَّما راكبًا" أو: وهُو راكبٌ فهي حالٌ من مفعولِ أخُصُّ المحذثوفِ، أي أخُصُّه بزيادة المَحبَّةِ خُصوصًا في حالِ رُكُوبِه. وكذا بالجملةِ الشَّرطيَّة نحو "ولاسِيَّما إن رَكِبَ" أي أَخُصُّه بذلك. وَهَبَ: مِن أفعَالِ التصييرِ، وهو غيرُ مُتصرِّفٍ، مُلازِمٌ للمَاضِي، حَكَى ابنُ الأعرابيّ عن العرب "وَهَبَني اللَّهُ فِداءَك" أي: جَعَلَني فِداك، ويقالُ "وُهِبتُ فِدَاك" أي جُعِلتُ فِداك (= المتعدي إلى مفعولين). وَيْ: كلمةُ تَعَجُّب، وقِيل: زَجْر، تَهُولُ: "وَيْ لبَكرٍ" أي 'َعجِبْ به، وتقول: "وَيْكَ استَمعِ" كأنَّه زَجْرٌ أو بمعنى وَيْل. وتَدْخُلُ عَلى "كَأَنْ" المخففة أو "كأنّ" المُشددة يَقولُ تعالى: {ويْكَأَنَّ اللّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لمَنْ يَشَاءُ} (الآية "82" من سورة القصص "28")، {ويْكَأَنَّ لا يُفْلحُ الكَافِرُون} (الآية "82" من سورة القصص "28" وقد يليها كافُ الخطاب كقول عَنترة: وَلَقَدْ شَفَى نَفْسي وأَبْرَأَ سُقْمَها *** قَوْلُ الفوارسِ وَيْكَ عَنْتَر أقْدِمِ وهي اسمُ فِعلِ أمرٍ بمعنَى أعْجَب. وَيْبَك: كَوَيْلَك، ولا تَخْتَلِفُ في أحكامِها عنها (= ويل). وَيْسَ: كويح، كَلِمَةُ تَرَحُّم، ولا تَخْتَلِفُ في أَحكَامُها عَنْ وَيح. (= ويح). وَيْح: كلمَةُ تَرَحُّمٍ، فإذا ًاضِيفَتْ بغيرِ اللاَّم تُنصَبُ على المَصْدَرِيَّة، ويكونُ العاملُ فيها فِعْلًا مُضْمَرًا مِن غيرِ لَفظِه لأنَه لَيس له فِعْلٌ، التقدير: رَحِمَه اللّه. هذا عِند بَعْضِ النّحاة، وفي التاج: مَنصوبٌ بإضمار فِعلٍ، كأنك قلت: ألزمه اللّه وَيحًا، قال وكذا في الصحاح، وإذا دَخَلتِ اللاَّمُ كأنْ تقولَ: "وَيحٌ للعَاثِرِ" فَوَنحٌ مُبتدأ والمُسَوّغُ له مَا فِيهِ مِنمَعنى الدُّعاء وللعاثِرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحذُوفِ خَبَر. وَيْل: كلمةُ عَذَابٍ، يُقال "وَيْلٌ له" و "ويْلَه ووَيْلَكَ وويلي" وفي النَّدْبة "وَيْلاَه" وإذا أضيفَت بغير اللاّم، فإنه يَجْري مَجرى المَصَادِرِ المُنْفَرِدة، وإذا أُضِيفَت اللاَّم قيل: {وَيْلٌ للْمُطَفِّفِينَ} (الآية "1" من سورة المطففين "83") وحكمُهُ أَنْ يُرْفَعَ بالابْتِدَاء، والجَارُّ والمَجْرُورُ في مَحَلّ رَفْعٍ خَبَر، التَّقْديرُ: الوَيْلُ ثَابِتٌ للمُطَفَفِّينَ واتْتُدئ بها وهي نَكِرةٌ لِأَّنَّ فيها مَعْنى الدُّعَاء، قال الأعشى: قالتْ هُرَيْرة لمَّا جِئْتُ زَائِرها *** وَيْلي عَليكَ وَوَيْلي مِنْكَ يارَجُلُ وَيْلُمِّه: يُقَال: رَحُل وَيْلُمِّه ووَيْلِمِّه يُريدُون ويلَ أمِّه كما يَقُولُون "لا أَبَ للك" فرَكَّبُوه وجَعَلُوه كالشَّئِ الوَاحِد، وأرادوا به التَّعَجَّبَ، قال ابن جنّي هَذا خَارجٌ عن الحِكاية أي يُقَال للرَّجُل من دَهَائه "ويْلُمِّه" وفي الحديث في قوله عليه السلام لأبي بَصِير: (وَيْلمِّه مِسْعَرَ حَرْب). وَيْه: كلمةُ أغراءٍ، ومنهم مَنْ يُنَوِّن فيقولُ: وَيهًا، الواحدُ والاثنانِ والجمعُ والمُذكَّرُ والمؤنَّثُ في ذلك سَواءٌ. وإذا أغْرَيْتَهُ بالشيءِ قُلْتَ: "وَيِهًا يا فُلان" وهو تحريض كما يُقال: "دُونَكَ يا فُلان" قال الكُمَيْت: وجَاءَتْ حَوادِثُ في مِثْلِها *** يُقالُ لِمِثْلِيَ: ويهًا فُلُ (يريد: يا فلان حذف على الترخيم). ومثله قولُ حاتم: وِيْهًا فِدىً لكمُ أُمَّي وَمَا وَلَدَتْ *** حَامُوا على مَجْدِكُم واكْفُوا مَنِ اتَّكَلاَ
|